الحظيرة دون فائدة . وبالفعل قد قام عمال التاجر بطرده وضربه بالعصي لأنه كان مرتبطا بالمكان لا يريد ترك الحظيرة ويصر على البقاء فيها . لم يدرك سباق الريح الأعمى المسكين سبب ما يفعلونه به ولم يعرف ولم ير إلى أين يذهب ولذلك بقى واقفا خلف بوابة المنزل منكس الرأس يهز أذنيه ويبدو عليه الحزن والأسىء
حل الليل وبدأ الثلج يتساقط وأصبح من الصعوبة بمكان أن يرقد هذا الحصان المسكين على أرض مليئة بالأحجار الصغيرة الصلبة وفي جوثلجى قارس البرودة وبقي الحصان واقفا لم يتحرك من مكانه ساعات طويلة وأخيرا شعر بالجوع فاضطر إلى البحث عن طعام له فسار المسكين الأعمى وهو متعب دون توقف رافعا رأسه إلى أعلى ويتشمم في الهواء ربما يعثر في مكان ما على بقايا حزمة من الدرس تكون مدلاة من أحد السقوف القديمة .
من الضروري أن تعلم عزيزي القارئ أن ما كان يحدث في هذه المدينة تماما مثلما كان يحدث في قديم الزمان من حيث نظام الحكم فلم يكن هناك أمير يحكم بل كان سكان المدينة يحكمون أنفسهم بأنفسهم. كانوا يجتمعون في الميدان الرئيسي للمدينة وذلك لاتخاذ قرارتهم المهمة. كان هذا الاجتماع يجمع الشعب كله لحل مشاكلهم الخاصة وكذلك التقاضي والقصاص ويسمى هذا الاجتماع بالندوة الشعبية. وتعقد الندوة في ميدان وسط المدينة حيث يوجد جرس كير معلق على أربعة أعمدة وحينما يسمع رنينه في أرجاء المدينة يجتمع الناس على الفور ومن الطبيعي أن أحدا لم يجرؤ على دق هذا الجرس إلا لأسباب قوية وإلا نال توبیخا عڼيفا من أهل المدينة. وعندما كان الحصان الأعمى يجول في الميدان وهو يئن من شدة الجوع عثر صدفة على الأعمدة التي يثبت عليها الجرس وربما اعتقد أن الحبل الذي يتحكم في لسان الجرس ما أن الوقت كان مبكرا فقد أسرع أهل المدينة إلى الميدان من كل صوب وحدب المعرفة السبب.
كان أهالي المدينة كلهم يعلمون جيدا أن سباق الريح قد أنقذ صاحبه من الهلاك المحتوم ويعلمون أيضا بالعهد الذي أخذه التاجر
على نفسه بالنسبة الحصانة لكنهم تعجبوا عندما وجدوا سباق الريح يقف وسط الميدان هزيلا جائعا يرتعش من البرد القارص وقد غطى الجليد جسمه وسرعان ما اتضح الأمر عندئذ عرف الأهالى أن التاجر الثرى قد طرد جواده الضرير الذي أنقذه يوما ما واقتنعوا بأن للجواد الحق في أن يدعوهم إلى الندوة الشعبية.
دعا الأهالي التاجر الثرى ناكر المعروف وقدموه للمحاكمة وعلى الرغم مما ذكره لهم من تبريرات فقد ألزموه بعودة سباق الريح إلى حظيرته وإطعامه كما كان من قبل حتى أخر عمره بالإضافة إلى تعيين شخص من بينهم لمتابعة تنفيذ الحكم ومازال نص هذا الحكم منقوشا على حجر موجود وسط المدينة كتذكار لهذا الحدث