رواية اخطائي الجزء الأول شهد محمد جادالله

موقع أيام نيوز


كي يعود ل لينه ويرأف بها وقبل ان يصدر منه كلمة واحدة كانت تتحرك بتؤدة مبتعدة عنه وهي تمسد جبهتها وتسير نحو غرفتها
ليتنهد هو تنهيدات عميقة مثقلة ويرفع نظراته لأعلى وكأنه يناجي ربه كي يعينه على نكبة قلبه.
أما هي فبعد عدة دقائق كانت تجلس على طرف فراشها وهي تشعر بالخزي من ذاتها بعدما رأت بأم عيناها كيف أصبح يشكك بكل افعالها بسبب غباءها نكست رأسها وأغمضت عيناها تتوسل ذلك الألم أن يحل عنها ولكن كان يشتد ويشتد لدرجة انها وجدت دمعاتها تفر مټألمة معها يده الممدودة جعلتها تنتبه لوجوده معها بالغرفة فقد رفعت نظراتها الباكية إليه حين صدر صوته ذات البحة المميزة الذي يزعزع ثباتها قائلا 

جبتلك حبوب مسكنة هتريحك وعملتك قهوة ...
هزت رأسها بأمتنان وتناولت الحبوب اولا من يده ووضعت اثنان منها بفمها ثم ارتشفت بعدها الماء اخذ هو الكوب من يدها حين انتهت ثم أعطاها قدح القهوة لترفعه هي على فمها ترتشف منه بضع رشفات صغيرة مستمتعة فكم اشتاقت القهوة الممزوجة بالحليب من صنع يده بينما هو توجه يغلق ستائر الغرفة كي يكبح حدة الضوء عن عيناها ويساعدها على تخطي الألم ثم ذهب واغلق نور الغرفة وقبل أن تصيح وتذكره انها تكره الظلام وتكره أن تكون بمفردها به شعرت به يجلس خلفها على طرف الفراش ويده أخذت طريقها لمؤخرة عنقها يدلكها بحركات دائرية حسية تعرف كيف تصل لمراكز الألم بينما هي أغمضت عيناها بقوة واستسلمت لمحاولته في مساعدتها ورغم أن الصداع مازال يفتك بها إلا أن الحانية جعلتها تستجمع شجعتها وتهمس بأسمه بنبرة مغلفة بالاحتياج جعلت طبول قلبه تقرع من أجلها 
يامن...
لم يمنحها فرصة لقول شيء بل قاطعها بنبرة حانية مطمئنة افتقدتها منه بشدة 
ششششش متتكلميش ...مش وقت كلام وحاولي ترخي اعصابك هتبقي أحسن
هزت رأسها بطاعة جعلته يتنهد تنهيدة ثقيلة محملة بالكثير وهو يستمر بما يفعله إلى أن سكن الألم وحل محله الطمأنينة التي عبرت عنها دون كلمات حين تراجعت بجسدها حتى جعلته يلتصق بجذع الفراش ومالت برأسها تود أن تستمع لدقات قلبه كي تتأكد كونها مازالت تنتمي لها ثم تشبثت به بقوة وانكمشت وكأنها مازالت تلك الطفلة الصغيرة صاحبة الضفائر الطويلة التي كلما فعلت کاړثة او افتعلت شيء خاطئ تفر إليه وتستنجد به وكأنها كانت لا تدرك مسبقا كونه هو مأواها الحصين ومصدر أمانها وأدركت ذلك الآن فقط بينما هو دون حاجته لأسبابها فكان دائما وابدا يعشق ذلك الشعور التي منحته اياه الأن دون مجهود منه كالسابق فطالما كان يتعمد أن يرهبها كي يناله منها ولكن بعد أن حمت وجهها اليوم وتخوفت من بطشه أقسم أنه لن يرهبها بعد الأن ولن يقسوا عليها مرة أخرى مهما فعلت سيتركها هي من تقرر كل شيء فإن أرادت ملجأه تأتي له كما حدث الأن بكامل ارادتها .
كانت ساهمة وكأنه أتى بها لعالم موازي لا يمت لعالمها بشيء فكانت نظراتها منبهرة تتأمل كل شيء بتمعن شديد بدء من منطقتهم الشعبية التي تضج بالضجيج إلى كل ركن تقع عيناها عليه بمنزلهم المتواضع فكان الأثاث والفرش رغم بساطته إلا انه اشعرها براحة غريبة ودفء لم تشعر به قط بقصر أبيها
ما تاكلي يا ميرال ولا اكلي مش عجبك
قالتها شهد وهي تقدم لها الطعام بحفاوة كبيرة و بترحاب اشعرها بالألفة وانتمائها لحيث يكون.
لتبتسم بأمتنان و تنفي برأسها وتقول بعفوية 
لا ابدا يا شهد... تسلم ايدك الأكل طعمه حلو أوي أنا كنت فاكرة محمد بيبالغ لما قالي أكلك حلو بس بصراحة طلع معاه حق
تنهدت شهد وقالت بمحبة خالصة لأخيها الذي يجلس بجانبها وهي تربت على يده المسنودة على الطاولة 
ده قلب أخته ومليش في الدنيا غيره وعلطول كده طالع بيا السما ورافع من روحي المعنوية
تناوبت ميرال نظراتها بينهم وبين يد شقيقته التي تستقر فوق يده وكم تمنت أن تكون محلها فهي تقسم إن فعلت وتشبثت بها لن تفلتها مداد الدهر ولكن متى وكيف وهو يتجاهل كافة تلميحاتها ويتعامل معها بثبات غريب حتى جعلها تظنه متلبد المشاعر و بلا قلب
كانت تتطلع له أثناء شرودها بطريقة جعلت شهد تشعر بالريبة منها وخاصة عندما وجدت شقيقها يرتبك ويدعي انشغاله بالطعام حين قالت 
محمد جدع وراجل بجد يعتمد عليه ربنا يخليكم لبعض يا شهد وميحرمكوش من بعض ابدا
اجابتها شهد بمجاملة تحمل رسالة مخفية بين طياتها 
يارب يا حبيبتي ... ويرزقك بأبن الحلال اللي بتتمنيه
اندثرت بسمتها لثوان و تعلقت عيناها به وكأن كافة امنيتها تختصر عليه بينما هو شعر بانقباض قلبه عندما خيل برأسه انتماءها لرجل آخر ليحتج قلبه بين احشائه صارخا عندما منحته تلك النظرات الناطقة التي تزلزل قاع قلبه وتطيح به ورغم انه قاوم وجاهدا ذاته كي يخفي ما يختلج بداخله

ولكن عينه آبت أن تتهرب منها ككل مرة بل أخذت مداد من بحر عيناها جسر
 

تم نسخ الرابط